الاحتيال الإلكتروني أوهامٌ بالثراء السريع
استغلال لطموح الشباب وظروفهم الاجتماعية..

الجزائر – انتشر في الآونة الأخيرة وقوع الكثير من الأفراد كضحايا لعمليات نصب واحتيال عبر مواقع التواصل الإلكتروني التي تتاجر بآمال وأحلام الناس عن طريق منحهم وعوداً بالثراء السريع، أو من أجل تقديمهم إلى منصة الشهرة السريعة من خلال التسويق لهم عبر إعلان مدفوع الثمن من قبل أحد المشاهير، إلاّ أنه للأسف يكتشف مثل هؤلاء متأخرين بأنهم وقعوا ضحية لاحتيال من قبل أناس لا يعرف عنهم أكثر من كبسة زر من خلال لوحة المفاتيح لمواقع التواصل الاجتماعي، فيجد نفسه ضحية اختلاس مالي ولكنه لا يعرف كيف وأين يذهب أمام عالم ليس من السهل القبض على مرتاديه من مدعي الاستثمار بالأموال والتسويق.
وعلى الرغم من أن مثل عمليات الاحتيال هذه تحدث للكثير من الأفراد الذين لا يملكون خبرة في التعامل التجاري لتنمية المال سواء من خلال رأس مال محدد يحول إليهم من أجل تنمية ذلك المال الذي يعد بثراء سريع، أو من خلال تسويق لمنتج لهم يرغبون في انتشاره أمام أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتقاضى مالاً من أجل تلك الدعاية ولكنه لا ينفذ، إلاّ أن اللافت بأنه ليس فقط الأفراد البسطاء الذين يقعون ضحية لمثل عمليات بيع الأحلام الوهمية تلك، فحتى نخبة المجتمع من المتعلمين خاصةً من السيدات من يقعن ضحية سهلة لمثل تلك الاحالات لاحتيال واضح، وتبقى المشكلة حينما تقف مكتوفة الأيدي لا تعرف حقوقها القانونية، وماذا يجب أن تفعل أمام احتيال حدث لها من خلال عالم افتراضي لا تستطيع أن تثبت على ذلك المحتال أكثر من مراسلات مكتوبة عن الاتفاق، فلماذا يؤمن الكثير من أفراد المجتمع بمثل هذه التعاملات الإلكترونية؟، هل من أجل الثراء السريع؟، وما الذي يجب أن يعمل في حال حدث الاحتيال الإلكتروني؟.
الإغراء نحو الثراء السريع
وقعت ب. أسماء والتي تعمل معلمة ضحية ذلك النوع من الاحتيال الإلكتروني وتروي قصتها حينما أثارت إحدى المعلمات موضوع الثراء السريع الذي هبط عليها حينما تعاملت مع شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يحصل على الأموال ويقوم بتشغيلها في إحدى الشركات كنوع من الاستثمار، ثم تقفز بشكل كبير خلال أيام ويتضاعف المبلغ، وتحدثت تلك المعلمة عن أنها قامت بتحويل مبلغ يصل إلى 2 مليون سنتيم وخلال (20) يوماً تضاعف إلى 4 مليون سنتيم، ودعت المعلمات إلى المبادرة في التعامل مع ذلك الشخص الذي يعد بالثراء السريع، وما كان من الكثير من المعلمات إلاّ أن طلبن وسيلة التواصل مع ذلك الشخص، وخلال أيام قام البعض منهن بتحويل مبالغ مالية له من أجل الاستثمار بها وجني الأرباح، وقد قامت أسماء بتحويل 2 مليون سنتيم لهذا الشخص إلاّ أنه بعد أيام اختفى ذلك، ووجدن جميع من وثقن به حتى من قامت بالترويج له بأنهن ضحية احتيال، فبادرن برفع قضية لتتبع ذلك المحتال.
وأوضحت أسماء أنه لا يجب الثقة بمثل هذه التعاملات مهما كانت المغريات؛ لأن الخطر أشد من لذة الربح السريع للمال، مضيفةً أن هناك الكثير من الأحاديث عن تلك الشركات التي تعد بالثراء السريع تنتشر في واقع المدارس بين المعلمات، إلاّ أن المشكلة أن هناك شركات تبعث بمندوبات يحاولن اقناعهن باستثمار أموالهن، فتلتقي تلك المندوبة مع المستهدفة في أحد المقاهي وتقوم بالحديث عن مميزات الشركة والثراء العاجل الذي تعد به، وللأسف هناك من يتأثر فيقبل ثم يجد نفسه أمام خسارة مادية بذريعة أن الاستثمار خسر كأي استثمار آخر معرض لمبدأ الخسارة والربح.
مدارس وهمية بشهادات مزورة
وقالت هاجر -تعمل في مجال التسويق الإلكتروني للمنتجات-: إن هناك مشكلة كبيرة حول مثل هذه التعاملات الإلكترونية فهي لا تؤمن بها كثيراً، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تثق بها، متحدثةً عن صديقتها التي تعرضت لاحتيال من قبل أحدى مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فتاة) والذي تتقاضى مالًا نظير أن تعلمها وتمنحها دروس بالتسويق الإلكتروني وكذلك المساهمة في التسويق لمنتجاتها، قبل أن تجد بأن هذه الفتاة تتهرب منها ويصعب الوصول اليه، مبينةً أن هناك الكثير من عمليات الاحتيال الإلكتروني تحدث وهي لا تقتصر فقط على مجرد التسويق أو الاستثمار في الشركات الوهمية، إنما وصل ذلك الاحتيال إلى انشاء بعض الناس لمدارس وهمية تدعي منحك شهادات عليا وقيّمة في مجالات مختلفة على غرار التنمية البشرية والتسويق الالكتروني، وهي طريقة مبتكرة من بعض الفتيات اللواتي يستغلن شهرتهن على مواقع التواصل لإستقطاب الأموال بالإحتيال والنصب على الناس وهم في الحقيقة لا يملكون أي شهادات في هاته المجالات.
المجتمع بحاجة إلى ثقافة قانونية
وأشارت هاجر إلى أننا بحاجة إلى توعية كبيرة بمخاطر التعاملات الإلكترونية التي تستلزم دفع المال أي كان نوعها، فالمشكلة بأن المبلغ الذي يتم تحويله إلى شخص ما يصعب استرداده مرةً أخرى، كما أننا بحاجة إلى الكثير من التثقيف القانوني في الطرق التي يجب أن يتبعها كل من وقع ضحية الاحتيال عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وذلك بمعرفة ماذا يفعل؟، وكيف يتصرف؟، وما هي الإجراءات الاحترازية التي يجب أن يفعلها قبل أن يقدم الثقة لأي مسوق أو متصيد لأحلام الناس، مبينةً أن المشكلة أن مثل هذا النوع من الاحتيال أصبح يقع فيه المتعلمون والنخب وكبار السن وليس البسطاء غير المتعلمين أو الشباب من صغار السن وهذا يكشف مدى قدرة هؤلاء المحتالين على الإقناع وتصيد الحالمين بالثراء من الناس.
152 قضية نصب واحتيال عبر الانترنت في 9 أشهر
عالجت فرق مكافحة الجرائم المعلوماتية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني 152 قضية تتعلق بالجرائم المعلوماتية والنصب والاحتيال عبر الإنترنت، خلال الفترة الممتدة من 01 جانفي 2020 إلى غاية 30 سبتمبر 2020.
وبحسب بيان لمديرية الأمن الوطني فإن معالجة القضايا سمحت بتوقيف 216 شخص، تورطوا في قضايا نصب واحتيال مست مختلف الفئات، وأضاف البيان أن “التحليل الجنائى أفضى إلى أن عمليات الاحتيال عبر الانترنت استهدفت المواطنين من مختلف الفئات والأعمار عبر الوطن، حيث يقوم المجرمون بعرض إمتيازات أو خدمات وسلع وهمية والإيحاء بالحصول على أموال، ما يجر ضحاياهم، وفق خطوات إحتيالية تدريجية، لفتح روابط مشبوهة ومنه تحقيق النتيجة الإجرامية”.
ويؤكد البيان أن “المديرية العامة للأمن الوطني تواصل عبر صفحتيها الرسمية على الفايسبوك والتويتر، حملة توعوية حول جرائم النصب والإحتيال عبر الأنترنت، وتدعو من خلالها مستعملي شبكات التواصل الإجتماعي خاصة الأولياء، للتحلي باليقظة من حيل المخترقين (الهاكر) والمحتالين، الذين يلجؤون للرسائل المزيفة التي تمكنهم من الحصول على البيانات الشخصية والكلمات السرية المتعلقة بحسابات ضحاياهم الشخصية أو حتى سرقة هويتهم الرقمية، والدعوة أيضا لمراقبة الأطفال خلال استعمال الانترنت وتوعيتهم المستمرة من مساوئه”.